قصة أطفال قبل النوم: المصباح السحري والمدينة المخفية
في يوم من الأيام، في قرية صغيرة بعيدة بين الجبال الشاهقة، عاش طفل صغير يدعى علي. كان علي طفلاً فضولياً يحب الاستكشاف والمغامرة. كان يقضي أيامه يجوب المروج والوديان المحيطة بقريته، يبحث عن كنوز مخفية أو آثار قديمة. كان حلمه الأكبر هو العثور على شيء سحري يجعله مميزاً بين أصدقائه.
في أحد الأيام، بينما كان علي يلعب بالقرب من النهر الجاري، لمح شيئًا غريبًا يلمع تحت ضوء الشمس. اقترب علي بحذر ووجد شيئًا مدفونًا جزئيًا في الأرض. حفر بيديه الصغيرتين حتى استخرج ما كان يراه. لقد كان مصباحًا قديمًا، مصنوعًا من نحاس قديم، لكنه كان يلمع بشكل غامض كأنه يحتفظ بداخله بسحر قديم.

بداية المغامرة
رفع علي المصباح بين يديه ونظف عنه الأتربة التي كانت تغطيه. كان المصباح يبدو عاديًا، لكنه كان يشعر بشيء غريب تجاهه، شيء يثير فضوله بشكل غير مسبوق. وبينما كان يفرك المصباح بيده لإزالة المزيد من الغبار، حدث شيء لم يكن يتوقعه. بدأ المصباح يصدر ضوءًا قويًا، تبعه ظهور دخان كثيف من فتحته الضيقة. ومن بين الدخان، ظهر جني كبير ذو ملامح طيبة، مرتدياً ملابس زاهية الألوان، وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه.
ابتسم الجني وقال بصوت عميق وهادئ: “شكرًا لك يا علي على تحريرك لي! لقد كنت محبوسًا في هذا المصباح لمئات السنين. والآن، كعرفان لجميلك، سأحقق لك أمنية واحدة مهما كانت.”
نظر علي إلى الجني بدهشة وإثارة. لم يكن يصدق أن ما يحدث له الآن هو حقيقة. لكن بعد لحظة من التفكير، قرر أن يستغل هذه الفرصة السحرية لطلب شيء مميز. قال علي بثقة: “أريد أن أذهب إلى مكان لم يره أحد من قبل، مكان مليء بالأسرار والمفاجآت.”
ابتسم الجني مرة أخرى وأشار بيده الكبيرة، وفجأة بدأ العالم يدور حول علي، كأنه يدور في دوامة سحرية. أغمض عينيه من شدة الدوران، وعندما فتحهما، وجد نفسه في مكان غريب ومذهل لم يرَ مثله من قبل.
المدينة المخفية
عندما فتحت عينا علي أخيرًا، وجد نفسه واقفاً أمام بوابة ضخمة مصنوعة من الذهب والمجوهرات اللامعة. كانت البوابة مزخرفة بنقوش دقيقة تصور مخلوقات غريبة وأشجار عملاقة، وكانت تبدو كأنها تحكي قصة قديمة منسية. فتح علي البوابة بصعوبة ودخل إلى المكان الذي بدا كأنه عالم مختلف تمامًا عن قريته الصغيرة.
كانت المدينة المخفية تحت الأرض، مغطاة بسقف عالٍ مكون من الصخور التي تتلألأ كأنها مليئة بالنجوم. المباني كانت مضيئة بشكل سحري، حيث كانت تضيء الشوارع بألوان مختلفة تنعكس على الجدران الحجرية القديمة. كان هناك نهر يجري ببطء في وسط المدينة، مياهه صافية ولامعة كأنها مصنوعة من الزجاج. وعلى ضفتيه، كانت هناك أشجار غريبة تحمل ثمارًا لم يرها علي من قبل.

سكان المدينة المخفية
دخل علي المدينة بخطوات مترددة، لكنه سرعان ما شعر بالراحة عندما بدأ سكان المدينة يظهرون من حوله. كانوا مخلوقات صغيرة ذات أجنحة شفافة، وكانت ألوانهم تتغير حسب شعورهم. كانت أصواتهم ناعمة وموسيقية، وعندما تكلموا مع علي، شعر كأنه يعرفهم منذ زمن طويل. أخبروه أنهم كانوا ينتظرون قدومه منذ زمن بعيد، لأنهم بحاجة إلى مساعدته في مهمة خاصة.
سكان المدينة كانوا يعيشون بسلام لآلاف السنين، ولكنهم كانوا يعانون من مشكلة كبيرة تهدد وجودهم. كان هناك لغز قديم يحمي كنز المدينة المخفية، ولكن هذا اللغز لم يتمكن أحد من حله لسنوات عديدة. وكانوا يعتقدون أن شخصًا نقي القلب مثل علي هو الوحيد الذي يمكنه حل هذا اللغز وإعادة السلام إلى مدينتهم.
حل اللغز
قرر علي أن يساعد سكان المدينة في حل اللغز. بدأوا معًا في رحلة مليئة بالتحديات والصعوبات. أول خطوة كانت هي العثور على أجزاء خريطة قديمة تمزقت عبر الزمن وتم إخفاؤها في أماكن مختلفة من المدينة. كانت الخريطة هي المفتاح للوصول إلى قلب المدينة، حيث يوجد الكنز المخفي.
انطلق علي برفقة بعض سكان المدينة في مغامرة للبحث عن أجزاء الخريطة. كان عليهم تجاوز أنهار مليئة بالمخلوقات البحرية الضخمة، والتسلل عبر غابات مليئة بالأشجار التي تتحرك وتتكلم. في كل مكان يذهبون إليه، كانوا يواجهون تحديات جديدة. ولكن علي لم يكن يستسلم، كان مصممًا على حل اللغز وإعادة السعادة إلى هذه المدينة المدهشة.
بعد أيام من البحث والمغامرة، تمكنوا من جمع جميع أجزاء الخريطة. عندما وضعوا الأجزاء معًا، اكتشفوا أنها كانت ترسم طريقًا إلى كهف عميق تحت المدينة. كان الكهف محميًا بحراس سحريين، وكان يجب على علي وسكان المدينة التعاون لهزيمتهم والدخول إلى الكهف.

الدخول إلى الكهف السحري
بعد أن هزم علي وسكان المدينة الحراس السحريين، دخلوا إلى الكهف حيث كان الجو باردًا وظلامًا حالكًا. لكن بفضل المصباح السحري الذي كان علي يحمله، استطاعوا رؤية الطريق أمامهم. في عمق الكهف، وجدوا بوابة قديمة منقوشة عليها رموز غريبة. كانت البوابة تحرس الكنز، وكان من المستحيل فتحها إلا إذا تم حل اللغز النهائي.
كان اللغز يتطلب من علي استخدام كل معرفته وشجاعته. كان عليه أن يفكر بعمق في معنى الرموز وكيف يمكن ترتيبها لفتح البوابة. بعد محاولات عديدة وأوقات من الإحباط، تمكن علي أخيرًا من حل اللغز. عندما وضع الرمز الأخير في مكانه الصحيح، بدأت البوابة تفتح ببطء، كاشفة عن غرفة مليئة بالكنوز.

الكنز المخفي
دخل علي وسكان المدينة إلى الغرفة، وكانت أنظارهم متجهة نحو الكنز الذي كان يتوسط الغرفة. كان الكنز عبارة عن بلورة كبيرة تتوهج بألوان قوس قزح. عندما اقترب علي من البلورة، شعر بطاقة هائلة تملأ المكان. كانت البلورة هي مصدر قوة المدينة، وكانت تحفظ التوازن بين العالمين العالم فوق الأرض والعالم المخفي تحتها.
أخذ علي البلورة بعناية ورفعها نحو السماء. في تلك اللحظة، شعر بأن كل شيء في المدينة بدأ يتحسن. بدأت الألوان تتألق من جديد، وعاد سكان المدينة للفرح والاحتفال. شكروا علي بعمق، وأخبروه أنه أصبح الآن جزءًا من تاريخهم وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرتهم إلى الأبد.
العودة إلى المنزل
بعد أن أكمل علي مهمته، حان وقت العودة إلى المنزل. استخدم الجني السحري مرة أخرى ليعيد علي إلى قريته. وعندما فتح عينيه، وجد نفسه واقفًا بالقرب من النهر، وكأن شيئًا لم يحدث. لكن علي كان يعلم جيدًا أن ما عاشه كان حقيقة، وأنه قد قام بمغامرة لا تنسى.
احتفظ علي بالمصباح السحري كذكرى لتلك المغامرة العظيمة. وعندما كبر، كان يحكي لأبنائه وأحفاده عن تلك المدينة المخفية والمغامرات التي خاضها هناك. ورغم أن أحدًا لم يرَ المدينة المخفية غيره، إلا أن القصة ظلت تتناقل عبر الأجيال، وأصبحت جزءًا من التراث الشعبي لقريته.
وفي كل ليلة، عندما كان علي ينظر إلى النجوم، كان يتذكر أصدقاءه في المدينة المخفية ويتمنى لهم السعادة والسلام. وهكذا، عاش علي حياة مليئة بالمغامرات والذكريات الرائعة، وترك بصمة لا تنسى في قلوب كل من سمع قصته.