جَاءَ اَلرَّبِيعُ وَوَضَعَتْ بَطَّةٌ جَمِيلَةٌ بَيْضُهَا فِي أَحَدًا اَلشِّعَاب، وَاحْتَضَنَتْهُ بِكُلِّ حُبٍّ وَحَنَانٍ حَتَّى أَفْقَصْ بَعْد أَسَابِيعَ عَلَى فِرَاخٍ صَغِيرَةٍ وَجَمِيلَةٍ عَدَا فَرْخٌ وَاحِدٌ كَانَ مُخْتَلِفًا عَنْ بَاقِي إِخْوَتِهِ فَقَدْ كَانَ حَجْمُهُ أَكْبَرَ مِنْ إِخْوَتِهِ وَذُو لَوْنٍ رَمَادِيٍّ ، تَعَجَّبَتْ اَلْأُمُّ لَكِنْ لَمْ تَهْتَمْ كَثِيرًا بِهَذَا اَلْأَمْرِ .
وبَعْدَ بِضْعَةَ أَيَّامٍ كَانَ الْجُوُ جَمِيلاً ، فَأَخَدْتِ أُمُّ الْبَطِ عَائِلَتَهَا الْجَدِيدَةَ لِلسِبَاحَةِ.
وَقَفَزَتْ فِي الْمَاءِ، فَتَبعَتْهَا فِرَاخُهَا حَتَى الْبَطَةُ الْقَبِيحَةُ.
وَفِي الْيَوْمِ الْتَالِي أَخَذتِ الْأُمُ فِرَاخُهَا إِلَى الْمَزْرَعَةِ لِتُعَرِّفَ بِهَا دَوَاجنَ الْفِنَاءِ. وَكَانَ الْفِنَاءُ كَثِيرَ الْصَحِيحِ ، وَلَمْ تَكُنْ الْفِرَاخُ تَبْتَعِدُ عَنْ أُمِهَا.
وَوَجَدَتْهَا الْدَوَاحِنُ جميلة جدا ولعبت معها مَاعَدَا الْفَرْخَ الْقَبيح ، فَقَدْ كَانَ شَدِيدَ الْضَخَامَةِ وَذَا لَوْنَ رَمَادِي قَاتِمٍ . عَاشَ هَذَا الْفَرْخَ حَيَاتا تَعِيسَةٌ وحتى الْفِرَاحَ الْأُخْرَى كَانَتْ تَسْخَرُ مِنْهُ وَتَضْرِبُهِ، فَقَرَرَ الْهَرَبَ.
وَفِي الْصَبَاحَ الْبَاكِرِ، رَكَضَ الْفَرْخُ الْقَبِيحُ بِاتِّجَاهِ مُسْتَنْقِعِ كَبِيرٍ، حَيْثُ يَعِيشُ اَلْبَطُ الْبَرِيُّ . وَظُلَ هَنَاكَ بَضْعَةَ أَيَّامٍ بَيْنَ الْقَصَبِ يَبْحَثُ عَنْطَعَامِهِ بِنَفْسِهِ وَالْحَزَنُ يُسَيْطِرُ عَلَيْهِ
وَفَجْأَةً اكْتَشَفَ أَمْرَهُ بَعْضُ الْبَطِ وَالْوْز.
فَقَالَتْ لَهُ الطُّيُورُ، سَاخِرَةً من شكله وحجمه : ما أقبحك أيها الطائر الغريب.
وَهَرَبَ الْفَرْجُ الْتَعِيسُ مِنْ جَدِيدٍ، وَرَكَضَ بَيْنَ الْقَصَبِ وَاجْتَازَ الْسُهُولَ وَالْحُقُول.
وكَانَتِ الريحُ شَدِيدَةُ، وَالْفَرْخُ يَرْتَحِفُ مِنَ الْبَرْدِ وَالْجُوعِ.
وَعِنْدَمَا حَلَ اللَّيْلُ، وَصَلَ الْفَرْخ إِلَى كُوحْ قَدِيمٍ، فَدَخَلَهُ لِيَحْتَمِي مِنَ الْبَرْدِ.
وَفِي هَذَا الْكُوخِ الْقَدِيمِ كَانَتِ تَعِيشُ سَيدَةٌ عَجُوزٌ وَهِرٌ وَدَجَاجَةٌ.
فَقَالَتِ الْسَيدَةُ للفرخ : ( إِبْقَ مَعَنَا، فَأَنْتَ سَتُعْطِينَا بَيْضَ الْبَطْ (( وَظَلَ الْفَرْخُ أَيَامًا عَدِيدَةً وَلَكِنَّهُ لَمْ يَبض . فَسَأَلَتْهُ الْدَجَاجَةُ : هَلْ تَبِيضُ
فَأَجَابَ يحُزْنٍ : وَسَأَلَهُ الْهرُ : هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَمُوءَ
فَأَجَابَ : (( لا )).
فَقَالَ الْهِرُ وَالْدَجَاجَةُ مَعا : (( إِذَا ، يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَذْهَبَ (( فَغَادَرَهُمَا فَرْخَ الْبَطِ. وما اقْتَرَبَ فَضْلُ الْشِتَاءِ حَتَى تَلَبَدَتِ الْسَمَاءُ بِالْغُيُومِ، وَكَانَ الْجُو شَدِيدَ الْبُرُودَةِ، فَلَمْ يَجِدْ مَأْوّى .
وَفِي الْمَسَاءِ كَانَتْ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الْإِوَزِ ذَاتِ الْعُنُقِ الطَّوِيلِ تَطِيرُ فِي الْمُسْتَنْقَعِ،
فَنَظَرَ الْفَرْجُ إِلَيْهَا وَقَالَ :
(( لَيْتَنِي أَكُونُ جَمِيلًا مِثْلَهَا ) .
وَعِنْدَمَا اشْتَدَ بَرْدُ الْكِتَاءِ اضْطُرَ الْفَرْجُ إلى ثقب الْجَلِيد لِيَحْصَلَ عَلَى المَاءِ ، فَتَعِبَ .
ونام على الثلج
وَفِي الْصَبَاحٍ مَرْ أَحَدُ الْمُزَارِعِينَ فَرَأَى الْفَرْخَ فَأَخَذَهُ إِلَى بَيْتِهِ لِيعْتَنِي بِهِ
وَعِنْدَمَا شُفِي أَخَذَ يَلْعَبُ مَعَ أَوْلاَدِ الْمُزَارِعِ وَفِي فَصْلِ الْرَبيعِ شَعَرَفَرْخ الْبَطِ أَنَّهُ أَصْبَحَ
أَكْثَرَ قُوةً، وَأَنَ الْأَوْلَادَ يُرِيدُونَ
الْتِقَاطَهُ فَبَسَطَ جَنَاحَيْهِ وَطَارَ فِي الْسَمَاءِ عَالِيًا.
طَارَ هَذَا الْطَائِرُ الْقَوِيُّ فَوْقَ الْسُهُولِ وَالْحُقُولِ وَطَارَ فَوْقَ الْقَنَاةِ فَرَأَى ثَلَاثًا مِنَ الْأَوَزِ وأثناءَ هُبُوطِهِ إِلَى الْأَرْضِ رَأَى صُورَتَهُ فِي الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ بَطَةٌ، بَلْ كَانَ إوْزَةً جَمِيلَةٌ بَيْضَاءَ وَقَالَتْ لَهُ الْأَوَزَاتُ الْأُخْرَى تَعَالَ مَعَنَا لِلأَنَّكَ مِنَّا فَانْطْمَ إِلَيْهَا ثُمَ رَافَقَهَا فِي جَوْلَاتِهَا.