الْحِمَارُ وَالنَّوْرُ

فصول قصة الحمار والثور

  • حياة الحمار والثور اليومية.
  • تبادل الحمار والثور للأدوار.
  • ندم الحمار والثور على جدالهما.

الْحِمَارُ وَالنَّوْرُ

كَانَ يَا مَا كَانَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، كَانَ هُنَاكَ حِمَارٌ وَقَوْرٌ يَعِيشَانِ فِي حَظِيرَةِ. وَقَدْ كَانَتْ مُهمَّةُ الْحِمَارِ تَتَمَثْلُ فِي حَمْلِ الْأَنْقَالِ عَلَى ظهرهِ، بَيْنَمَا كَانَتْ مُهمَّةُ النَّوْرِ تَتَجَلَّى فِي مُسَاعَدَةِ صَاحِبِ الْحَظِيرَةِ فِي عَمَلِيَّةِ الْحَرْثِ.

وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ دَارَ جِدَالٌ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالنَّوْرِ؛ إِذْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحَاوِلُ إقْنَاعَ الْآخَر أَنَّ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ عَمَلٍ أَشَدُّ تَعَبَّا مِنْ عَمَلِ الْآخَرِ، وأن دوره أهم من الآخر في الحظيرة، فَأَنْتَهَى الْأَمْرُ بِهِمَا أَنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَقُومَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَمَلِ الْآخَرِ، وَذَلِكَ لِمُدَّةِ أَسْبُوعِ كَامِل.

وَهَكَذَا لَمْ تَمُرْ سِوَى ثَلاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى اتِّفَاقِهِمَا، حَتَّى أَشْتَكَى كُلِّ مِنْهُمَا مِنْ صُعُوبَةِ الْعَمَلِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ، فَقَررا أَنْ يَرْجِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ السَّابقِ،

وَهُنَا عِلْمُ كُلٍّ مِنْ اَلْحِمَارِ وَالثَّوْرِ أَنَّ اَللَّهَ قَدْ سَخرَ كُلٌّ وَاحِدٌ لمَا يُطِيقُهُ ، وَكُلًّ مَخْلُوقٍ وَدَوْرِهِ فِي هَذِهِ اَلْحَيَاةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَغْنِيَ اَلْحَيَاةُ عَنْ أَيِّ عُنْصُرِ مِنْ عَنَاصِرِهَا، وَبِذَلِكَ اعْتَرَفَ الْحِمَارُ وَالنَّوْرُ بخَطَئِهِمَا، وَطَلَبَا الْاعْتِدَارَ مِنْ بَعْضِهِمَا الْبَعَضُ، وَأَنْفَقَا أَنْ لَا يَعُودَا إِلَى جِدَالِهِمَا الْعَقِيمِ. وَحَمِدَا اَللَّهَ عَلَى مَا رَزَقَهُمَا.

اَلْعِبْرَة مِنْ قِصَّةِ اَلْأَطْفَالِ اَلْحِمَارُ وَالثَّوْرُ:

رَأْينَا كَيْفَ كَانَ اَلْجِدَالُ بَيْنَ اَلْحِمَارِ وَالثَّوْرِ وَكَانَ كُلُّ مِنْهُمَا ينْقصُ مِنْ شَأْنِ اَلْآخَرِ، اَلْحِمَارُ ضَنَّ أَنَّهُ أَهَمُّ مِنْ اَلثَّوْرِ، وَالثَّوْرُ بِدَوْرِهِ أَنْقَصَ مِنْ شَأْنِ اَلْحِمَارِ وَلَكِنَّ بَعْدَمَا تَبَادَلَا اَلْأَدْوَارُ عِلْمَ كُلِّ مِنْهُمَا بِأَنَّ اَلطَّرَفَ اَلْآخَرَ يَقُومُ بِدَوْرٍ مُهِمٍّ كَذَلِكَ وَلَا يَسْتَطِيعَا تَبَادُل اَلْأَدْوَارِ.

بُنِّي اَلْعَزِيزِ لَا تَكُنْ كَالْحِمَارِ أَوْ اَلثَّوْرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَكَانَكَ وَدَوْرَكَ فِي اَلْحَيَاةِ مُهِمٌّ وَكَذَلِكَ بَاقِي اَلنَّاسِ، فَلَا يَعْلُو أَحَدٌ عَلَى اَلْآخَرِ وَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يَعِيشَ دَوْر اَلْآخَرِ.